مناظرة بين الفصول الأربعة
يعتقد كل فصل من فصول السنة أنه أفضل من رفاقه ، فيفتخر بنفسه و يذم الآخرين لكنهم لم يجتمعوا أبدا في وقت واحد .
و في أحد الأيام جمعت الطبيعة الفصول الأربعة ، و طلبت أن يتحدث كل واحد منهم بما يريد لتحكم بينهم .
قال الصيف : لستُ بحاجة إلى القول ، إني أفضل الفصول على الإطلاق ، ففي أيامي تنضج الفواكه اللذيذة ، و تسير السفن في البحار آمنة ، و تملأ الشمسُ الأرضَ دفئا .
قال الشتاء : إن بعض كلامك صحيحٌ يا رفيقي ، لكنك نسيت أن الناس يتذمرون من حرارتك التي تخدد الوجوه ، و تسقم الأجسام ، فيلتجئون إلى المناطق الباردة التي تذكرهم بالشتاء . و لو لا أنا الشتاء لجفت الينابيع ، و هلك الزرع و الزهر ، و بدت الأرض جرداء قاحلة ، و لمات كل حي على الأرض .
قال الربيع : إن رفيقنا الشتاء نسي الأرواح التي أزهقتها ثلوجه ، و الأشجار التي اقتلعتها عواصفه ، و المنازل التي هدمتها زوابعه ، و المدن التي أغرقتها فيضاناته . أما أنا الربيع فأحول شر الشتاء إلى خير إذْ أنبت الزهر في الحدائق ، و الأشجار في الحقول ، و أنشر على الأرض ثوبا مزركشا و أخْرِجُ براعم الثمار و الأوراق .
قال الخريف : أراكم قد ذهبتم بعيدا في مدح أنفسكم و ذم غيركم ، و الواقع أن لكم جميعا حسنات و سيئات ، أما أنا فلا أجد لي سيئة واحدة : طقسي لطيف و نسيمي عليل ، لا زوبعة تقلع الأشجار ، و لا حرارة تحرق الأزهار . فأنا أفضلكم دون منازع .
و كادت المناظرة تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه فتدخلت أمهم الطبيعة و قالت : مهلا يا أبنائي ، أنتم إخوة و كلٌ منكم كريم خيِرٌ و لا يكتمل أحدكم إلا بالآخر ، و لا فضل لأحد منكم على أخيه و كلٌ يؤدي العمل الذي عَهِدْتُهُ إليه أنا أمكم الطبيعة .
.